الأربعاء أكتوبر 22, 2014 3:06 am | المشاركة رقم: |
إحصائية العضو | | عدد المساهمات : 53140 | نقاط : 159048 | تاريخ الميلاد : 16/03/1991 | تاريخ التسجيل : 06/03/2013 | العمر : 33 | الموقع : http://info-reading.blogspot.com/ |
| | موضوع: المقاصد العظمى في الإسلام المقاصد العظمى في الإسلام [size=32]المقاصد العظمى في الإسلام
الشريعة الإسلامية شريعة متكاملة؛ ذات حكم وغايات ومقاصد، وتلك الحكم والغايات والمقاصد كلها تعود عند رعايتها إلى أن تؤتي ثمارها، ومن أعظم ثمارها أن تسعد الإنسان في هذه الحياة وتوصله إلى رضوان الله تعالى في الآخرة.وهذه المقاصد العظمى هي: “المعاني والحِكم الملحوظة للشارع في جميع أحوال التشريع أو معظمها”؛ فما من حكم في الشريعة إلا وهو عائد إلى هذه المقاصد أصالة أو تبعاً.وقد أفاض أهل العلم وخاصة الأصوليين في تبيين هذه المقاصد في مصنفات خاصة؛ وكان من أجلّ من كتب في ذلك الإمام الشاطبي - رحمه الله - في كتابه الجليل الموسوم بـ”الموافقات”.ولأهمية هذه المقاصد ومنزلتها يقول الشاطبي - رحمه الله -: “إذا ثبت أن الشارع قد قصد بالتشريع إقامة المصالح الأخروية والدنيوية، وذلك على وجه لا يختل لها به نظام، لا بحسب الكل ولا بحسب الجزء، وسواء في ذلك ما كان من قبيل الضروريات أو الحاجيات أو التحسينات …. فلا بد أن يكون وضعها على ذلك الوجه أبدياً وكلياً وعاماً في جميع أنواع التكاليف والمكلفين وجميع الأحوال، وكذلك وجدنا الأمر فيها والحمد لله” الموافقات (2/37).ويقول ابن القيم -رحمه الله-: “إن الشريعة الإسلامية مبناها وأساسها على الحِكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها، ورحمة كلها، وحِكمة كلها، فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث، فليست من الشريعة وإن دخلت فيها بالتأويل” إعلام الموقعين (3/3).وهذه المقاصد التي جاءت الشريعة بحفظها تتفاوت في منزلتها؛ فمنها الضروريات، ومنها الحاجيات، ومنها التحسينيات.وحفظ الضروريات هي آكد ما جاءت الشرائع قاطبة بحفظها، وفي فواتها أو النيل منها ما يسبب الحرج العظيم على بني آدم في هذه الحياة، وفي ذلك يقول الشاطبي -رحمه الله-: تكاليف الشريعة ترجع إلى حفظ مقاصدها في الخلق، وهذه المقاصد لا تعدو ثلاثة أقسام:أحدها: أن تكون ضرورية.الثاني: أن تكون حاجية.الثالث: أن تكون تحسينية.فأما الضرورية: فمعناها أنها لا بد منها في قيام مصالح الدين والدنيا بحيث إذا فقدت لم تجر مصالح الدنيا على استقامة بل على فساد وتهارج وفوت حياة؛ وفي الأخرى فوت النجاة والنعيم والرجوع بالخسران المبين. الموافقات (2/ وهذه الضروريات كما عدها بعض أهل العلم هي: حفظ الدين، والنفس والعقل والنسل والمال.وفيما يلي نستعرض بإيجاز هذه المقاصد الضرورية الكلية التي اعتبرها العلماء هي محور التشريع؛ وقطب رحى التكاليف التي أتت الشريعة بحفظها.فمن أول تلك المقاصد الضرورية: حفظ الدين.والدين الذي ارتضاه الله تعالى لعباده هو الإسلام، {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِين} [آل عمران: 85].وحفظ الدين يكون بالقيام به، فعلاً للأوامر واجتناباً للنواهي، وبالدعوة إليه؛ وبالمحافظة عليه من عبث العابثين، وتحريف المبطلين، ومن تأويل الجاهلين.وبذهاب الدين يكون الخطر العظيم والجرم الكبير الذي مرده خراب الحياة الدنيا، والعذاب المقيم في الآخرة، ولذلك كله كان معرفة الدين أشرف المقاصد وأعظمها، وحمايته غاية المطالب، فهو خلاصة دعوة الأنبياء، وزبدة الرسالات الإلهية.المقصد الثاني: حفظ النفس.والنفس محترمة؛ فلا يجوز الاعتداء عليها، أو إزهاقها بغير حق، وحتى النفس التي بين جنبي الإنسان لا يملك التصرف فيها إلا بإذن خالقها، فحرّم الله - تعالى -أن يقتل الإنسان نفسه؛ كما في قوله - تعالى -: {… وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} [النساء: 29، 30].وقد منعت الشريعة الأسباب المفضية إلى إزهاق النفس بغير حق، وسدت كل المنافذ التي تؤدي لذلك.فرتبت الوعيد الشديد لمن يقتل نفسه كما مرّ في الآية الكريمة، فكيف بقتل غيره، وشُرعت القصاص حداً لمن يقدم على قتل غيره متعمداً، أو الدية المغلظة على القاتل في العمد دون عاقلته.وأباحت الشريعة تناول بعض المحرمات حفاظاً على النفس في حال الضرورة، وكل ذلك مما يؤكد حرمة النفس في شريعة الإسلام، وعنايته بالمحافظة عليها.المقصد الثالث: حفظ العقل.والعقل هو مدار التكليف، وهو نعمة عظمى ميز الله به الإنسان، وكرمه به عن سائر الحيوانات والجمادات، ولهذا لم تخاطب الشريعة من فقد عقله بالجنون، ورفعت عنه قلم التكليف، كما روى الإمام أحمد في مسنده بسند صحيح عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: ” رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ “. كما أحاطت الشريعة بسياج منيع هذا العقل وحرمت كل ما يعطله أو يضر به، حيث حرمت معاقرة الخمر وتعاطي المسكرات، كما في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: 90، 91]، كما شرعت الحد لمن يشرب الخمر، وكل ذلك يدل دلالة واضحة لما للعقل من منزلة عظيمة في الشرع وفي حياة الخلق بعامة.المقصد الرابع: حفظ النسل.وحفظه والعناية به من مقاصد الشرائع؛ لأن استمرار النوع الإنساني بطريقة صحيحة من ضرورات الحياة التي لا تستقيم بدونها، وقد أمرت الشريعة بالتناسل بالحث على الزواج وتربية الأبناء التربية الصحيحة، كما ورد الوعيد الشديد على فعل الزنا الذي هو مناقض لحفظ الأنساب والأعراض؛ وشرعت فيه الحد الموجع الذي يصل للقتل كما حالة الزاني المحصن، وسدت الشريعة المنافذ الموصلة لذلك؛ فأمرت بحفظ الأبصار من النظر الحرام، ونهت عن الاختلاط المحرم بين النساء والرجال؛ وأمرت النساء بالتستر والحشمة والحياء. وكل هذا مما يدل عناية الشريعة بهذا المقصد العظيم الذي إذا اختل اضطربت أحوال الناس وفسدت حياتهم.المقصد الخامس: حفظ المال.والمال به قوام الحياة، وهو عصبها الذي إذا فُقد اختلت مصالح حياة الناس، وتعطلت معايشهم، ولذلك حثت الشريعة على كسبه من طرقه المشروعة، وأمرت بالعناية به، ونهت عن تبذيره والإسراف فيه، وإعطاءه لمن لا يحسن تدبيره، ورتبت أعظم الزواجر في حيازته من غير حله؛ وذلك بمشروعية حد السرقة، كما حرمت الاعتداء على أموال الناس وغصبها، وسدت المنافذ الموصلة للكسب المحرم كما هو الحال في تحريم الربا والرشوة والميسر والقمار، وهذا مما يدل على عناية الشريعة بهذا المقصد وبفوات العناية به يحصل الضرر الكبير، والشر المستطير بين الخلق.وبما سبق من ذكر هذه المقاصد العظمى وعناية الشريعة بها، يدرك كل منصف ما تحويه شريعة الإسلام من الكمال والتمام، حيث لم تترك كل خير إلا دلت عليه؛ ولا كل شر إلا نهت عنه، ولذلك كانت هذه الشريعة من أعظم النعم على البشرية جمعاء منذ أن جاء بها النبي الخاتم محمد -صلى الله عليه وآله وسلم-. يتبع
[/size] المصدر: منتديات الياس عيساوي
|
| |