يتسلم المرشح لنيل رخصة السياقة ملفا صحيا متكاملا يلزمه بضرورة الإعلان عن جميع المشاكل الصحية التي يعاني منها للطبيب المكلف بمعاينة حالته الصحية، «ويعتقد البعض أن المصادقة على هذا الملف داخل المصالح المختصة لا يعدو أن يكون خطوة شبيهة بالمصادقة على شهادة السكنى أو غيرها من الوثائق، بينما هو في واقع الأمر إعلان بالشرف للكشف عن حقيقة الوضع الصحي للمترشح» يقول الدكتور عبد الحق بوشتة.

تصريح المرشح بأمراضه

صراحة المرشح تدفع الطبيب لتحديد مدى أهلية الشخص للسياقة، إضافة إلى تحديد الفحوصات اللازمة التي من شأنها الكشف عن الأمراض التي يمكنها أن تعرض حياة السائق للخطر، وهو الأمر الذي لن يتأتى في حال تكتم المرشح عن إصابته ببعض الأمراض، مثل الصرع، داء السكري، الضغط، أمراض القلب، أو خضوع المرشح لعمليات جراحية سابقة، إضافة لبعض أمراض الدماغ، والرأس، التي يمكنها أن تؤثر على باقي أعضاء الجسم، مثل عدم التحكم في الأطراف مما يحول دون سياقة آمنة.
تكتم المرشح يعرض حياته للخطر، كما يعرضه للمساءلة لأن ملفه الشخصي يبقى محفوظا لدى الطبيب لمدة عشرة سنوات. لكن في حال التزم بالصراحة فإنه يساعد الطبيب على وضع بعض التوصيات التي تمكنه من إضافة إصلاحات وتعديلات خاصة داخل سيارته تبعا لوضعيته الصحية، مثل طلب علبة سياقة أتوماتيكية بدل العادية في حال كان الشخص عاجزا عن التحكم في يده.
في حال وجود مشاكل صحية معينة، يقوم الطبيب المخول بفحص مرشحي السياقة بالاستعانة باختصاصيين آخرين للمساعدة في التشخيص من خلال تحديد حالته التقنية، « إذا أخبرني الشخص مثلا أنه يعاني من مشكل في القلب فإنني أوجهه لمختص في القلب لأستعين بتشخيصه من أجل تحديد ما إذ كان الشخص يمكنه السياقة أم لا» يقول الدكتور عبد الحق بوشتة الذي يؤكد على ضرورة التأكد أيضا من صحة سمع المترشح.
أثناء فحص العيون، يتم تحديد القدرة على الإبصار سواء كان المترشح مستعملا للنظارات أو يرى بدون نظارات. وتختلف نسب النظر الواجب توفرها باختلاف نوع رخصة القيادة التي يود المرشح الحصول عليها، ففي حال كان المرشح خاضعا لاختبار السياقة للحصول على الرخصة من صنف “ب”، يمكنه السياقة إذا كان قياس نظره بالنظارات أو بدون نظارات 10/5 شرط أن يكون هذا القياس المحصل عليه عندما ينظر بكلتا عينيه، لكن إذا كان قياس نظره أقل من 10/5 يمكنه وضع النظارات لتحسين نظره، بشرط أن يكون قياس النظر في إحدى عينيه بعد إقفال الأخرى 10/1. أما إذا كان قياس إحدى عينيه أقل من 10/5 يجب أن تكون نسبة النظر في الثانية 10/8.
تصبح الشروط أكثر صرامة لتؤشر قياسات النظر على قوة نظر السائق كلما تم الانتقال للصنف الموالي من رخص القيادة، وهي تباعا الصنف “س”و ” د”.

اختبار الحقل البصري

بعد التأكد من قدرة المرشح على النظر، يتم إخضاعه لاختبار الحقل البصري، وهو الاختبار الذي يتم فيه التأكد من مدى قدرته على رؤية كل المجال الموجود أمامه من الجهتين اليمنى واليسرى، ويشترط فيه أن يكون في حدود 120درجة. وتكمن أهمية اختبار الحقل البصري في تجنيب السائق للعديد من المفاجءات على الطريق، لأنه على الرغم من قدرة السائق على النظر الجيد، إلا أن ضيق حقله البصري قد يوهمه بخلو جنبات الطريق إلى أن يفاجأ بدخول شخص أو سيارة في حقله البصري الضيق، وعادة ما ترتبط هذه الحالة بوجود مشكل في المخ مما يتسبب بضغط على شبكة العين، إضافة إلى ضغط العين المرتفع الذي يتسبب في الضغط على عرق العين مما يضيق من مساحة الحقل البصري،

اختبار عمى الألوان

تم إضافة اختبار جديد لمرشحي رخصة القيادة للكشف عن مشكل عمي الألوان، غير أن الإصابة بهذا المرض لا تعني حرمان الشخص من رخصة القيادة، بل يتم إعلامه بطبيعة حالته حتى يكون حذرا في التعامل مع الألوان أثناء القيادة، خاصة أن مشكل عمى الألوان يتعلق باللونين الأحمر والأخضر في أغلب الحالات، وإن كان الدكتور بوشتة يؤكد ندرة الإصابة بهذه المشكلة التي تعود لأسباب جينية، أو لتناول بعض الأدوية التي تؤثر على شبكة العين خاصة بالنسبة لمرضى السكري الذين يعانون في الغالب من مشاكل في الرؤية.
ويتم تشخيص هذه الحالة من خلال تقديم مجموعة من الرسومات للمترشح من أجل تمييز بعد الأشكال أو الأرقام المتواجدة داخل اللوحة، والتي تكتب بالألوان المراد الكشف عن عجز المترشح في رؤيتها.

* اختبار الضوء

تعد السياقة خلال الليل أمرا مرهقا، خاصة في الحالات التي يعاني منها المترشح من بعض المشاكل في الرؤية مما يعرض حياته للخطر، لذا يتم تعريض المرشح أثناء الفحص لوهج إضاءة قوية وهو ما يعرف باختبار الضوء، «ومن الطبيعي أن يفقد أي شخص القدرة على الرؤية لبعض الوقت بسبب قو ة الضوء، وكلما كان وقت رد الفعل أطول كلما كانت السياقة في الليل صعبة ومصدر تعب للسائق، وفي هذه الحالة ينصح الشخص بالابتعاد عن السياقة ليلا» يقول اختصاصي العيون عبد الحق بوشتة الذي يحدد الوقت العادي لفقدان القدرة على النظر بد التعرض لوهج الإضاءة القوية في مدة 10 ثوان.

* سائق بعين واحدة.. ونظارة إضافية !

يتعرض بعض الأشخاص لحوادث، أو أمراض قد تفقدهم القدرة على النظر على مستوى إحدى العينين، وفي هذه الحالة يتم تأخير موعد الحصول على رخصة القيادة لمدة سنة حتى يتمكن الشخص من التعود على الرؤية بعين واحدة، حتى لو كانت قدرته على النظر جيدة بنسبة 10/10.
أما بالنسبة لمستعملي النظارات الطبية، فإن القانون الجديد يلزمهم باصطحاب نظارات إضافية للطوارئ، «قد يبدو الأمر غريبا لكن من الممكن جدا أن يطالب شرطي المرور برؤية النظارات الطبية الإضافية.. هذا يكشف أن القوانين الجديدة وضعت بعض البنود الصارمة حرصا على سلامة السائقين» يقول الدكتور بوشتة.

* فحوصات ما بعد الخمسين
يستلزم تجديد رخصة القيادة بعد سن الخمسين الخضوع لمجموعة من الفحوصات الطبية من جديد، «لأن حصول الشخص على الرخصة أثناء تمتعه بصحة جيدة لا يعني أنه سيتمتع بنفس الصحة دائما، خاصة على مستوى النظر، لذا يجب على كل سائق يبلغ 50 عاما الخضوع لفحص قياس ضغط العين الذي لا يرافق بأي أعراض مما يتسبب في تقلص حقل الرؤية دون انتباه الشخص، إضافة لامكانية الإصابة بالسكري والجلالة مع التقدم في العمر.

سكينة بنزين