بسم الله الرحمن الرحيم
هذه عدة قصائد وأبيات عن القرآن وأهله ، وطلاب حلقاته ، كتبت وألقيت في مناسبات عدة.
(1)
هُــنَــا
هُنا نزل القرآن من أول الأمرِ
هُنا في حراء أشرقت شمس ذا الفجرِ
هُنا جبل النور الذي في فؤاده
تلألأ نور العلم في صفحة الدهرِ
بمكة شع النور وانكشف الدجى
وعُلِّم خير الخلق ما لم يكن يدري
بها خير قُرَّاء الخليقة قد بدا
مسيرتَه الكبرى مع الآي والذكرِ
فقال له جبريل[ اقرأ] وضمّهُ
وأرسله أخرى لِتهيئةِ الأمرِ
فقال له { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ } بعدما
تهيّأ قلب المصطفى للذي يجري
فنُبِّي بـ{ اقْرَأْ } ثم أرسل بالتي
بها{ قُمْ فَأَنذِرْ } بغتة البعث الحشرِِ
هُنا حميَ الوجيُ الذي أنقذ الورى
فكان رسول الله يتلوا على الإثرِ
فأوحى إليه الله أن كُفَّ لا تخفْ
فإنَّ علينا جمعهُ لك في الصدرِ
وعلَّمه أصحابَه فانبرَوْا له
كـ"زيدٍ، أُبيٍّ، وابنِ عفانَ، والحَبرِ"
ومن بعدُ جاء التابعون فمنهمُ
يزيد بن قعقاعٍ، كذا الحسن البصري
وجاءتْ قرونٌ بعضها إثر بعضها
ويحظى كتاب الله بالحفظِ والنشرِ
فجاء الإمام الشاطبي بــ"حرزه"
تلاهُ "أبو الخير" الذي جاء بــ"النشرِ"
وجاء بـ"غيث النفعِ" شيخ صفاقسٍ
فكان كتاباً عالياً وافيَ القدرِ
وفي عصرنا جاء "المُجَمَّع " شامخاً
ليبني صروح المجدِ في موطنِ الفخرِ
تخطَّى بحقٍّ ما يؤمِّل قارئٌ
وكان من الإنجاز ما ينشد المُقري
فطوبى لقومٍ أنشؤوه فإنهمْ
قد استوجبوا ممن تلا خالص الشكرِ
ولا تنسَ قوماً قد أقاموا نفوسهمْ
لنشرِ كتاب الله في البَرِّ، والبحرِ
وعرِّج على جمعيَّةٍ قد تأسستْ
بمكةَ في أمِّ القرى منبع الخيرِ
لها نِصف قرنٍ في إقامةِ مجدِنا
فيا أيها الخمسين بوركتِ مِن عُمْرِ
فقل: هي أمٌّ للينابيعِ كلِّها
وقد سنَّتِ النهج الذي جاء بالبِشرِ
فلا غروَ أن تحظى بخير مكانةٍ
وأبناؤها الحذاقُ كالأنجمِ الزهرِ
هي المنبع الصافي متى ماوردتَهُ
شُغلتَ بذكرِ اللهِ في السرِّ والجهرِ
فأحيِ إلهي بالقرانِ قلوبنا
ولا تحرِمَنَّا ربَنا وافرَ الأجرِ
وصلِ على خير الأنامِ وصحبهِ
مع الآلِ والأتباعِ في موكبِ البِرِّ
10 / 11 / 1426هـ
كتبت بمناسبة اختيار مكة المكرمة عاصمة للثقافة ، وتزامن ذلك مع مناسبتين طلب مني إلقاء قصيدة فيهما؛ إحداهما للجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه، والأخرى للجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم،وهي إلى النظم أقرب منها إلى الشعر.
(2)
قد اكتحلت بمرآها العيونُ
قد اكتحلت بمرآها العيونُ
وتاهت في ثناياها الجفونُ
وأثلج صدر عاشقها رقيٌّ
وإنجازٌ وتاريخٌ متينُ
بمبناها الجديد بصرح فخرٍ
رأيت النفس أسعد ما تكونُ
به علقتُ آمالاً كباراً
لجيل لا يذل ولا يهونُ
لجيل يقرأ القرآن غضاً
يرتله فتنتعش الغصونُ
يرتله فترتحل المآسي
وللجنات ينبعث الحنينُ
ويتعظ المقصر حين يصغي
ويزجر بالقوارع من يلينُ
لجيل يجعل القرآن نهجاً
ودستوراً وأخلاقاً تبينُ
ونوراً يستضيء به دواماً
وخلاً لا يمخرق أو يخونُ
يصون النفس عن درك الدنايا
ويدعو للمكارم بل يعينُ
به تحيى القلوب فلا تراها
تراودها الوساوس والظنونُ
فيا من يبتغي مجداً وفخراً
دليل المجد قرآن مبينُ
ويا من يبتغي خلاً وفياً
تيمم شطره نعم القرينُ
أيا جمعية التحفيظ إني
لأهل الفضل ممتنٌ مدينُ
وفضلك ليس ينكره محقٌّ
لرب الكون بالتقوى يدينُ
فعفواً إن بدا منّا قصورٌ
فحقك في قرائحنا مصونُ
وإن يلحقك شكٌّ وارتيابٌ
فإن الريب يدحره اليقينُ
1424هـ
(3)
هو الحق المبين
كتابُ اللهِ شَعّ هُنا ضِياهُ
وأورثهُ الإلهُ مَنِ اصطفاهُ
له تنقاد قافيتي ونثري
وأمْنِيتي لأمّتِنا اقتفاهُ
هو الهادي الأمينُ لكلِّ خيرٍٍ
فلن نَرضى بديلاً عن هُداهُ
هو الحقّ المبينُ فليس شرعٌ
يَروق لِمن تَعلّمه سِواهُ
فَهَاؤُمْ فاقرؤوهُ فإنّ فيهِ
سعادةَ سامعيهِ ومَن تلاهُ
ففي الدنيا يَنالُ به المعالي
وفي الأخرى يَنالُ به مُناهُ
وما في الكون أرقى منه نظماً
ولا في الكونِ أزكى مِن شذاهُ
سيُضحك مَن يحاكيه الثكالى
ويهلك كلّ من يغشى حِماهُ
(4)
هَذا القُرَانُ
هذا القرانُ به تحيى خواطرُنا
يحرِّك القلبَ ترغيبًا وترهيبا
ويملأُ النفسَ إحساسًا بواجبها
فلا تَسَلْ عن سرورٍ آضَ تثريبا
وعن فؤادٍ وَعَى فاجتثَّ آفتَهُ
وكادَ يبخعُ تلك النفسَ تأنيبا
فيا غمامَ الهُدَى أمطِرْ مسامِعَنا
أشبِعْ رغائبَنا فِقهاً وتأديبا
صوِّبْ إلى كُلِّ قلبٍ سهمَ موعظَةٍ
بها يُصَوَّبُ للإيمانِ تصويبا
يا خالقَ الخلقِ دمِّر مَن يُحاربُنا
عذِّبْهُ يا بارئ الأكوانِ تعذيبا
واحفظْ مجامِعَنا مِمَّن يفرِّقُها
ومَن يُشتِّتُها كيداً وتحزيبا
واقبَلْ أيا قابِلاً للتَّوبِ توبتَنا
صَيِّرْ علينا سحابَ العفو ِمسكوبا
جزء من قصيدة كتبت وألقيت في الحفل الختامي لحلقات تحفيظ القرآن الكريم بجامع الشيخ سليمان الخياط بمكة المكرمة مساء الجمعة 19 / 9 / 1424هـ
المصدر: منتديات الياس عيساوي